فصل: فصل في العقبات التي يتدرج منها الشيطان لإغواء الْعَبْد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.فصل في العقبات التي يتدرج منها الشيطان لإغواء الْعَبْد:

وَقَالَ ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: العقبات التي يتدرج منها الشيطان لإغواء الْعَبْد:
العقبة الأولى:
عقبة الكفر بِاللهِ ولقائه وبصفات كماله وبما أخبرت به رسله عنهُ، فإنه إن ظفر به فِي هذه العقبة بردت نار عداوته واستراح.
فإن اقتحم هذه العقبة ونجا منها ببصيرة الهداية وسلم معه نور الإيمان طلبه عَلَى:
العقبة الثانية:
وهي عقبة البدعة إما باعتقاد خلاف الحق الَّذِي أرسل الله به رسوله وأنزل به كتابه، وإما التعبد بما لم يأذن به الله، من الأوضاع والرسوم المحدثة فِي الدين التي لا يقبل الله منها شيئاً.
والبدعتان فِي الغالب متلازمتان قل أن تنفك إحداهما عن الأخري، كما قال بَعْضهمْ: تزوجت بدعة الأقوال ببدعة الأعمال، فاشتغل الزوجان بالعرس فلم يفجأهم إلا وأولاد الزنا يعيشون فِي بلاد الإسلام، تضج مِنْهُمْ العباد والْبِلاد إلى الله تعالى.
وَقَالَ شيخنا: تزوجت الحَقِيقَة الكافرة بالبدعة الفاجرة فتولد بينهما خسران الدُّنْيَا والآخرة.
فإن قطع هذه العقبة وخلص منها بنور السنة واعتصم منها بحَقِيقَة المتابعة وما مضي عَلَيْهِ السَّلَف الأخيار من الصحابة والتابعين لهُمْ بإحسان.
وهيهات أن تسمح الأعصار المتأخرة بواحد من هَذَا الضرب، فإن سمحت به نصب لَهُ أَهْل البدع الحبائل وبغوه الغوائل وقَالُوا: مبتدع محدث، فإِذَا وفقه الله لقطع هذه العقبة طلبه عَلَى:
العقبة الثالثة:
وهي عقبة الكبائر فإن ظفر فيها زينها الله لَهُ وحسنها فِي عينه وسوف به وفتح لَهُ باب الإرجَاء وَقَالَ لَهُ: الإيمان هُوَ التصديق نَفْسُهُ فلا تقدح فِيه الأعمال، أي أعمال الفسوق والعصيان.
وَرُبَّمَا أجري عَلَى لِسَانه وأذنه كلمة طالما أهلك بِهَا الخلق وهي قوله: لا يضر مَعَ التَّوْحِيد ذنب كما لا ينفع مَعَ الشرك حسنة، والظفر به فِي عقبة البدعة أحب إليه، لمناقضتها الدين، ودفعها لما بعث الله به رسوله.
وصاحبهَا لا يتوب منها، ولا يرجع عنهَا بل يدعو الخلق إليها، والاجتهاد عَلَى إطفاء نور السنة.
وتولية من عزله الله ورسوله، وعزل من ولاه الله ورسوله، واعتبار ما رده الله ورسوله، ورد ما اعتبره، وموالاة من عاداه، ومعاداة من والاه وإثبات ما نفاه، ونفِي ما أثبته.
وتكذيب الصادق وتصديق الكاذب، ومعارضة الحق بالْبَاطِل وقلب الحقائق بجعل الحق باطلاً والْبَاطِل حقاً، والإلحاد فِي دين الله، وتعمية الحق عَلَى القُلُوب، وطلب العوج لصراط الله المستقيم، وفتح باب تبديل الدين جملة.
فإن البدع تستدرج بصغيرها إلى كبيرها، حتي ينسلخ صاحبِها من الدين كما تنسل الشعرة من العجين.
فمفاسد البدع لا يقف عَلَيْهَا إلا أرباب البصائر، والعميان ضالون فِي ظلمة العمى: {وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ}.
فإن قطع هذه العقبة بعصمة الله أو بتوبة نصوح تنجيه منها طلبه عَلَى:
العقبة الرابعة:
وهي عقبة الصغائر فكال لَهُ منها بالقفزان وَقَالَ: ما عَلَيْكَ إِذَا اجتنبت الكبائر ما غشيت اللمم أو ما علمت أنها تكفر باجتناب الكبائر وبالحسنات، ولا يزال يهون عَلَيْهِ أمرها حتي يصر عليها.
فيكون مرتكب الكبيرة الخائف الوجل النادم أحسن حإلا منه، فالإصرار عَلَى الذنب أقبح منه ولا كبيرة مَعَ التوبة والاستغفار، ولا صغيرة مَعَ الإصرار.
وقَدْ قال صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب». ثُمَّ ضرب لذَلِكَ مثلاً بقوم نزلوا بفلاة من الأرض فأعوزهم الحطب. فجعل هَذَا يجيء بعود وهَذَا بعود حتي جمعوا حطباً كثيراً فأوقدوا ناراً وأنضجوا خبزتهم.
فكَذَلِكَ إن محقرات الذُّنُوب تتجمع عَلَى الْعَبْد وَهُوَ يستهين بشأنها حتي تهلكه.
فإن نجا من هذه العقبة بالتحرز والتحفظ ودوام التوبة والاستغفار وأتبع السيئة الحسنة طلبه عَلَى:
العقبة الخامسة:
وهي عقبة المباحات التي لا حرج عَلَى فاعلها، فشغله بِهَا عن الاستكثار من الطاعات، وعن الاجتهاد فِي التزود لمعاده ثُمَّ طمَعَ فِيه أن يستدرجه منها إلى ترك السُّنَن، إلى ترك الواجبات.
وأقل ما ينال منه: تفويته الأرباح والمكاسب العظيمة والمنازل العالية ولَوْ عرف السعر ما فوت عَلَى نَفْسهِ شيئاً من القربات، ولكنه جاهل بالسعر.
فإن نجا من هذه العقبة ببصيرة تامة ونور هاد ومعرفة بقدر الطاعات والاستكثار منها وقلة المقام عَلَى الميناء وخطر التجارة وكرم المشتري، وقدر ما يعوض به التجار فبخل بأوقاته وضمن بأنفاسه أن تذهب فِي غَيْر ربحٍ، طلبه الْعَدُوّ عَلَى:
العقبة السادسة:
وهي عقبة الأعمال المرجوحة المفضولة من الطاعات فأمره بِهَا وحسنها فِي عينه وزينها لَهُ وأراه ما فيها من الفضل والرِّبْح، ليشغله بِهَا عما هُوَ أفضل منها وأعظم كسباً وربحاً.
لأنه لما عجز عن تخسيره أصل الثواب طمَعَ فِي تخسيره كماله وفضله، ودرجاته العالية، فشغله بالمفضول عن الفاضل وبالمرجوح عن الراجح، وبالمحبوب لله عن الأحب إليه، وبالمرضي عن الأرضي له.
ولكن أين أصحاب هذه العقبة؟ فهم الأفراد فِي العالم. والأكثرون قَدْ ظفر بِهم فِي العقبات الأوَلِ.
فإن نجا منها بفقه فِي الأعمال ومراتبِهَا عِنْدَ الله ومنازلها فِي الفضل، ومعرفة مقاديرها والتمييز بين عاليها وسافلها ومفضولها وفاضلها ورئيسها ومرؤوسها وسيدها ومسودها.
فإن فِي الأعمال سيداً ومسوداً ورئيساً ومرؤوساً وذروة وما دونها، كما فِي الْحَدِيث الصحيح: «سيد الاستغفار أن يَقُولُ الْعَبْدُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لا إله إلا أنت»، الحديث.
وفِي الْحَدِيث الآخر: «الجهاد ذروة سنام الأمر». وفِي الأثر الآخر: إن الأعمال تفاخرت فذكر كُلّ عمل منها مرتبة وفضله وكَانَ للصداقة مزية فِي الفخر عليهن.
ولا يقطع هذه العقبة إلا أَهْل البصائر والصدق من أولي العلم السائرين عَلَى جادة التَّوْفِيق، قَدْ أنزلوا الأعمال منازلها وأعطوا كُلّ ذي حق حقه.
فإِذَا نجا منها أحد لم يبق هناك عقبة يطلبه الْعَدُوّ عَلَيْهَا سوي واحدة لابد منها، ولَوْ نجا منها أحدٌ لنجا منها رسل الله وأنبياؤه وأكرم الخلق عليه.
وهي عقبة تسليط جنده عَلَيْهِ بأنواع الأذي باليد واللسان والْقَلْب عَلَى حسب مرتبته فِي الْخَيْر، فكُلَّما علت مرتبته أجلب عَلَيْهِ الْعَدُوّ بخيله وظاهر عَلَيْهِ بجنده، وسلط عَلَيْهِ حزبه وأهله بأنواع التسليط.
وهذه العقبة لا حيلة لَهُ فِي التخلص منها، فإنه كُلَّما جد فِي الاستقامة والدعوة إلى الله والقيام به بأمره جد الْعَدُوّ فِي إغراء السفاء به، فهو فِي هذه العقبة قَدْ لبسَ لامةَ الحرب، وأخذ فِي محاربة الْعَدُوّ لله وبالله.
فعبوديته فيها عبودية خواص العارفين وهي تسمي عبودية المراغمة ولا ينتبه لها إلا أولُوْ البصائر التامة، ولا شَيْء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه وإغاظته لَهُ. اهـ.
وَلَمَّا قَسَا قَلْبِي وَضَاقَتْ مَذَاهِبْي ** جَعَلْتُ الرَّجَا مِنّي لِعَفْوكَ سُلَمَا

تَعَاظَمِنِي ذَنْبِيْ فَلَمَّا قَرَنْتُهُ ** بِعَفْوكَ رَبِّي كَانَ عَفْوُكَ أَعْظَمَا

فَلِلَّهِ دَرُّ العَارِفِ النَّدْبِ إِنَّهُ ** تِسْحُّ لِفَرْطَ الوَجْدِ أَجْفَانُهُ دَمَا

يُقِيْمُ إِذَا مَا اللَّيْلُ مَدَّ ظَلاَمَهُ ** عَلَى نَفْسِهِِ مِنْ شِدّةِ الخَوْفِ مَأْتَمَا

فَصِيْحاً إِذَا مَا كَانَ مِنْ ذِكْرِ رَبِّهِ ** وَفِي مَا سِوَاهُ فِي الوَرَى كَانَ مُعْجَمَا

وَيَذْكُرُ أَيَّاماً مَضَتْ مِنْ شَبَابِهِ ** وَمَا كَانَ فِيها مِنْ الجَهَالَةِ أجْرَمَا

فَصَارَ قَرْيْنَ الهَمِّ طُوْلَ نَهَارِهِ ** وَيَخْدِمُ مَوْلاَهُ إِذَا اللَّيْلُ أَظْلَمَا

يَقُولُ إِلَهِي أَنْتَ سُؤْلِي وَبُغْيَتِي ** كَفَى بِكَ لِلرَّاجِيْنَ سُؤْلاً وَمَغْنَمَا

فأَنْتَ الَّذِي غَذَّيْتَنِي وَكَفَلْتَنِي ** وَمَا زِلْتَ مَنَّانَاً عَلَيَّ وَمُنْعِمَا

آخر:
سَبِيْلُ الخَلْقِ كُلِّمِ الفَنَاءُ ** فَمَا أَحَدٌ يَلُوْمُ لَهُ البَقَاءُ

يُقْرِّبُنَا الصَّبَاحُ إِلى الْمَنَايَا ** وَيُدنِينَا إِليْهِنَّ المَسَاءُ

أَتَأْمَلُ أَنْ تَعِيْشَ وَأَيُّ غُصْنٍ ** عَلَى الأيَّامِ طَالَ لَهُ النَّمَاءُ

تَرَاهُ أَخْضَرَ العِيْدَانِ غَضًّا ** فَيُصْبِحُ وَهُوَ مُسْوَدُّ غُثَاءُ

وَجَدْنَا هَذِهِ الدُّنْيَا غَرُوْراً ** مَتَى مَا تُعْطَ يُرْتَجَعُ العَطَاءُ

فَلاَ تَرْكَنْ إِلَيْهَا مُطْمَئِنّاً ** فَلَيْسَ بِدَائِمٍ مِنْهَا الصَّفَاءُ

اللَّهُمَّ نور قلوبنا بنور الإيمان وثبتنا عَلَى قولك الثابت، فِي الحياة الدُّنْيَا وفِي الآخرة، ويسرنا لليسري وجنبنا للعسري، وَاجْعَلْنَا هداة مهتدين وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِيْنَ، بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وعَلَى آله وصحبه أجمعين.
فصل:
الحكمة كالجواهر فِي الصدف فِي قعور البحار، فلا تنال إلا بالغواصين الحذاق.
العاقل لا تدعه عيوبه يفرح بما ظهر من محاسنه.
النصح بين النَّاس تقريع.
إعادة الاعتذار تذكير للذنب وما عفا عن الذنب من وبخ به.
رب كلام جوابه السكوت، ورب عمل الكف عنهُ أفضل، ورب خصومة الإعراض عنهَا أصوب.
الدُّنْيَا تهين من كانت تكرمه، والأرض تأكل من كانت تطعمه.
نَمِيْرُ مِنْ أَمِّنَا الغَبْرَاءِ مِيْرَتَنَا ** وَلِلْبَسِيْطَةِ مِنْ أَجْسَادِ نَامِيَرُ

أمر الدُّنْيَا أقصر من أن تتعادي فِيه النُّفُوس، وأن تتفانَا وأن تطاع فِيه الضغائن والأحقاد.
وَقَالَ: لا يستطيع أحد أن يجد الْخَيْر والحكمة إلا أن تخلص نَفْسُهُ فِي المعاد، ولا خلاص لَهُ إلا أن تَكُون لَهُ ثلاثة أشياء: وزير، وولي، وصديق.
فوزيره عقله، ووليه عفته، وصديقه عمله الصالح.
الجود هُوَ أن تجود بمالك، وتصون نفسك عن مال غيرك، وأقصي غاية الجود أن تجود بنفسك فِي سبيل الله.
يَجُوْدُ بِالنَفْسِ إِنْ ظَنَّ البَخِيْلُ بِهَا ** وَالجُوْدُ بِالنَّفْسِ أَقْصَى غَايَةِ الجُوْد

قابل غضبك بحلمك، وجهلك بعلمك، ونسيانك بِذِكْرِكَ، وتزود من الْخَيْر وأَنْتَ مقبل خَيْر من أن تتزود وأَنْتَ مدبر.
العجب ممن يحتمي من المآكل الرديئة ولا يترك الذُّنُوب مخافة رب العالمين. ويستحي من الخلق ولا يستحي ممن لا تخفِي عَلَيْهِ خافية. قال تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ}.
العمي خَيْر من الجهل، لأن العمي يخاف منه السقوط فِي حفرة، والجهل يخاف منه الوقوع فِي الهلاك.
ينبغي للرئيس أن يبتدي بتقويم نَفْسهِ قبل أن يبتدي بتقويم رعاياه.
وإلا كَانَ بمنزلة من رام استقامة ظِلّ معوج قل تقويم عوده الَّذِي هُوَ ظِلّ له.
إِبْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عن غَيِّهَا ** فَإِذَا انْتَهَتْ عنهُ فَأنْتَ حَكَيْمُ

فَهُنَاكَ يُقْبَلُ مَا تَقُوْلُ وَيُقْتَدَى ** بِالرَّأَي مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيْمُ

استدامة الصحة تَكُون بإذن الله بترك التكاسل عن التعب وبترك الامتلاء من الطعام والشراب وترتيب المآكل.
للقلب آفتان الهم والغم، فالغم يعرض منه النوم، والهم يعرض منه السهر.
العلم كثير والعمر قصير فخذ من العلم أحسنه وما بلغك قليله إلى كثيره
مَا حَوَى العِلْمَ مِنَ الخَلْقِ أَحَدٌ ** لاَ ولَوْ حَاوَلَهُ أَلْفَ سَنَهْ

إِنَمَا العِلْمُ كَبَحْرٍ زَاخر ** فَاتَخِذْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَحْسَنَهْ

عجباً لمن عرف الدُّنْيَا وأنها دار فناء كيف تلهيه عن دار البقاء التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر عَلَى قلب بشر.
إعطاء المريض ما يشتهيه أنفع لَهُ من أخذه بكل ما لا يشتهيه.
الدُّنْيَا تنصح تاركها وتغش طالبِهَا فنصيحتها لتاركها ما تريه من تغيرها بأهلها وفتكها بهم ونكدها وكدرها وغمومها وهمومها.
وغشها لطالبِهَا ما تذيقه من لذة ساعتها ثُمَّ تعقبه مرارة طعمها وسوء منقلبها.
طالب الدُّنْيَا كناظر السراب يحسبه سبباً لريه فيتعب نَفْسَهُ فِي طلبه فإِذَا جاءه خانه ظنه وفاته أمله وبقي عطشه ودامت حسرته وندامته وخسر طولَ عنائه.
وَقَالَ آخر:
الإنسان فِي الدُّنْيَا معذب بجَمِيع أحوالها غَيْر باق عَلَيْهِ ما يصير إليه من أسبابها.
قليل التهنئة بما يجده من ملاذها دائم النكد والكبد والغصص بمفارقة أحبابه فيها.
يا هَذَا الدُّنْيَا وراءك والآخرة أمامك والطلب لما وراءك هزيمة.
إنما يعجب بالدُّنْيَا من لا فهم لَهُ الدُّنْيَا كأضغاث أحلام تسر النائم.
لعب خيال يحسبهَا الطفل حَقِيقَة فأما العاقل فيفهمها.
رَأَيْتُ خَيَالَ الظِلِّ أكْبَرَ عْبَرَةٍ ** لِمَنْ هُوَ فِي عِلْمِ الحَقِيْقَةِ رَاقٍ

شُخُوصٌ وَأشْبَاحٌ تَمُرُّ وَتَنْقَضِي ** جَميْعاً وتَفْنَى والمُحَرِّكُ باقٍ

قال ثابت بن قرة: راحة الجسم فِي قلة الطعام، وراحة الروح فِي قلة الآثام، وراحة اللسان فِي قلة الكلام قُلْتُ إلا بذكر الله وما ولاه.
والذُّنُوب للقلب بمنزلة السموم إن لم تهلكه أضعفته ولابد، والضعيف لا يقوي عَلَى مقاومة العوارض. قال عَبْد اللهِ بن المبارك:
رَأَيْتُ الذُنُوبَ تُمِيْتُ القُلُوبَ ** وقَدْ يُورثُ الذُلَّ إدْمَانُهَا

وَتَرْكُ الذُنُوبَ حَيَاةُ القُلُوبِ ** وخَيْرٌ لِنَفْسِِكَ عِصْيَانُهَا

كل شَيْء إِذَا كثر رخص إلا العلم والعقل كُلَّما كثر أحدهما غلا. وَاللهُ أَعْلم وصلى الله عَلَى مُحَمَّد وآله وصحبه وسلم.